عيد الحب: بين الرومانسية العالمية والجدل العقائدي وتحديات الأوبئة
يُعد عيد الحب (الفلانتين) واحداً من أكثر المناسبات شهرة وشعبية حول العالم. حيث يتم الاحتفال به في الرابع عشر من شهر فبراير في كل عام. يمثل هذا اليوم فرصة ذهبية للأزواج والمحبين للإفصاح عن مشاعرهم المتبادلة وتجديد العهد من خلال تبادل الهدايا. الورود، والبطاقات العاطفية التي تحمل أرق الكلمات.
![]() |
| عيد الحب بين المفهوم الروحاني للأديان وتحديات الأزمات العالمية |
الحب.. هل تحول إلى "ديانة" استهلاكية؟
في مثل هذا اليوم من كل عام، يتجلى الحب ويظهر وكأنه ديانة قائمة بذاتها؛ نبيها هو "الدبدوب الأحمر". وقرابينها تتمثل في الزهور، الورود، الشموع، والبالونات. لقد كرّس النسق الاستهلاكي لـ عيد الحب العام هذا. نموذجاً موحداً للاحتفاء بالحب العاطفي، وهو ما يمكن اعتباره "اختراعاً" إنسانياً وعصرياً حديثاً نسبياً.
يأتي هذا النمط الاستهلاكي مقارنة بالمدارس الروحانية القديمة. التي قاربت مفهوم الحب بما يتناسب مع "لغة الجسد" و"الحب الصامت"، حيث كانت لها رؤيتها الخاصة للخلاص والسمو بالروح بعيداً عن الماديات.
ذاكرة الحب والألم: عيد الحب بنكهة كورونا
لا يمكن الحديث عن اعياد الحب دون استذكار تلك الفترة التي تجلى فيها الحب بنكهة الألم والحزن والهم في العديد من الدول العربية والعالمية. في ذلك الوقت، كان للحب طعم خاص ومختلف، وتحديداً في الصين التي عانت من وطأة فيروس كورونا.
في الوقت الذي كان فيه عالم الورود والحلوى والدموع هو السيد، طغى نسق يشبه لغة الحب الصامت، ليصبح عيد الحب نموذجاً قياسياً لاختبار المشاعر الإنسانية في ظل الخوف، مضاهاةً بالمدارس الروحية التي طالما نظرت للحب من زوايا مختلفة.
ابتكارات الحب في زمن الخوف
لقد جاء عيد الحب في ذلك العام تزامراً مع انتشار حالة من الذعر العالمي بسبب فيروس كورونا، وبعد ارتفاع عدد الوفيات حينها إلى 2000 شخص وتسجيل 63000 إصابة. ومع ذلك، تعددت
في الفلبين: وقفت بائعة الزهور في العاصمة مانيلا على قدميها بجرأة، لتقدم باقات فريدة. تضمنت حزم الهدايا -بالإضافة إلى الزهور المعتادة- أقنعة للوجه (كمامات)، زجاجات مطهرات، قفازات، وحتى معجون أسنان، في دمج طريف وعملي بين الرومانسية والوقاية.
تضامن الشعوب: رسائل من تايلاند إلى الصين
أما في تايلاند، فقد تجلت "لغة الجسد والحب الصامت" بنسق خاص ومؤثر.
تجمع حوالي 3000 طالب وطالبة في ساحة مدرسة بمقاطعة "أيوثايا" يوم الجمعة للتعبير عن أطيب تمنياتهم للصين التي كانت تكافح الوباء بشراسة.
رفع الطلاب والأساتذة في مدرسة "غيراسات ويتايا" هتافات داعمة قائلين: "يا الصين... استمروا وكافحوا".
تجمع الطلاب مع زوج من الأفيال لتشكيل "قلب ضخم" مصنوع من الزهور والبشر.
وفي هذا السياق، قال "ليانغ جي"، وهو مدرس صيني يعمل في المدرسة وينحدر من مدينة شيامن على الساحل الشرقي للصين: "إن الناس في الصين يشعرون حالياً بالقلق والرعب مقارنة بالأوقات السابقة، لذلك كان من الضروري أن تمنحهم شعوب البلدان الأخرى الثقة للبقاء على قيد الحياة".
إحصائيات وتداعيات تلك الفترة
في ذلك الوقت، اكتشفت تايلاند 33 حالة عدوى بفيروس كورونا، لكنها لم تكن قد سجلت وفيات حينها. بينما أعلنت لجنة الصحة الوطنية الصينية في بياناتها آنذاك عن رصد 121 وفاة جديدة، والعديد من الإصابات الحرجة وتداعيات الفيروس في البر الرئيسي للصين، مما رفع إجمالي الإصابات وقتها إلى 63851 حالة.
وفي شنغهاي، التي تُعد أضخم مدن الصين، شهدت المطاعم فراغاً غير معتاد وهدوءاً مخيفاً في ليلة عيد الحب، خوفاً من تفشي الفيروس القاتل.
كيف ترى الأديان عيد الحب؟
بالانتقال من الظروف الاستثنائية إلى الأصول العقائدية، تختلف وجهات النظر حول عيد الحب باختلاف القيم والمعتقدات. دعونا نلقي نظرة معمقة على كيفية رؤية الأديان الرئيسية لهذا اليوم:
1. المسيحية
في الديانة المسيحية، ينظر قطاع كبير إلى عيد الحب بصورة إيجابية:
يعتبرونه فرصة لتجديد العهد والتعبير عن الحب للآخرين.
يتم الاحتفال بتبادل الهدايا والخروج لتناول العشاء أو ممارسة أنشطة رومانسية مشتركة، خاصة أن العيد يرتبط باسم "القديس فالنتاين".
لمزيد من التفاصيل حول تاريخ القديس فالنتاين، يمكنك زيارة
.الموسوعة الكاثوليكية
2. الإسلام
في الإسلام، تختلف الآراء وتتنوع الزوايا التي يُنظر منها لهذا اليوم:
المنظور الديني: يعتبر البعض أن القديس فالنتاين ليس شخصية معروفة أو ذات ثقل في التاريخ الإسلامي، وبالتالي يُنظر للعيد كتقليد غربي لا يمت للممارسات الإسلامية بصلة.
المنظور الثقافي: هناك مسلمون يتعاملون مع المناسبة من منظور اجتماعي وثقافي بعيداً عن البعد الديني، فيتبادلون الهدايا ويعبرون عن المودة لزوجاتهم وأحبائهم، انطلاقاً من مبدأ أن الإسلام يحث على المودة والرحمة بشكل عام.
اقرأ المزيد عن:
.مفهوم الحب والمودة في الإسلام
3. الهندوسية
في الديانة الهندوسية، قد لا يوجد "عيد حب" بالمفهوم الغربي المحدد بتاريخ 14 فبراير، ولكن الثقافة الهندية غنية بالاحتفالات العاطفية:
يحتفل الهنود بتقاليد تتضمن الرومانسية والعلاقات العاطفية المقدسة.
يعد عيد "هولي" مثالاً صارخاً، حيث يعبر عن الحب، الألوان، الفرح، وحتى الشهوانية الجسدية والروحية، ويقومون خلاله بنثر الألوان والاحتفال في الشوارع والمعابد.
4. البوذية
تتميز البوذية بنظرة هادئة وفلسفية عميقة تجاه الحب:
يعتبر البوذيون الحب جزءاً جوهرياً من عقيدتهم ونهج حياتهم الروحي، لكنه حب شامل وليس حصرياً.
يؤمنون بأهمية ممارسة "الرحمة" و"التعاطف" والحب الواجب تجاه جميع الكائنات الحية دون استثناء.
في مثل هذه الأيام، قد يشارك البوذيون في جلسات التأمل وإرسال الطاقة الإيجابية والصلوات للآخرين بدلاً من الاحتفالات الصاخبة.
خاتمة
على الرغم من التباين الواضح بين الأديان والثقافات حول عيد الحب، إلا أنه يمكن القول بأن العديد من الأشخاص حول العالم يرونه فرصة ثمينة للتعبير عن المشاعر العاطفية وبناء الجسور الرومانسية. وفي النهاية، يعتمد قرار الاحتفال بهذا العيد من عدمه على القناعات الشخصية، العقيدة الدينية، والقواعد الثقافية لكل فرد ومجتمع.
عيد الحب: كيف ترى الأديان لعيد الحب؟
المسيحية:
في الديانة المسيحية، ينظر البعض إلى عيد الحب بصورة إيجابية، حيث يرونه فرصة للتعبير عن حبهم للآخرين وتبادل الحب بين الزوجين. يحتفل بعض المسيحيين بهذا اليوم بتبادل الهدايا والخروج لتناول العشاء أو القيام بأنشطة رومانسية معًا.
الإسلام:
في الإسلام، قد يختلف النظر إلى عيد الحب، حيث يعتبر البعض أن القديس فلنتاين، الذي تشتهر قصته مع هذا العيد، ليس شخصًا معروفًا أو مهمًا في التاريخ الإسلامي. لذلك، قد يرون عيد الحب كتقليد غربي واتباعه ليس من ممارسات الإسلام. ومع ذلك، هناك أيضًا المسلمين الذين قد يحتفلون بهذا اليوم من منظور ثقافي بدلاً من ديني، حيث يقومون بتبادل الهدايا وتعبير الحب لبعضهم البعض.
الهندوسية:
في الهندوسية، لا يوجد عيد محدد للحب، ولكن الهنود يحتفلون بتقاليد عديدة تتضمن الرومانسية والعلاقات العاطفية. على سبيل المثال، يحتفل الهنود بعيد "هولي" الذي يعبر عن الحب والألوان والفرح والشهوانية. يقوم الهنود في هذا العيد برمي الألوان على بعضهم البعض والاحتفال في الشوارع وفي المعابد.
البوذية:
في البوذية، يتعامل البوذيون مع الحب بطريقة هادئة وتعليمية. يعتبرون الحب جزءًا من عقيدتهم ونهج حياتهم الروحي. يؤمن البوذيون بأهمية ممارسة الرحمة والتعاطف والحب الواجب تجاه جميع الكائنات الحية. قد يقوم البوذيون بهذا اليوم بالمشاركة في التأمل وإرسال الأفكار الإيجابية والصلوات للآخرين.
على الرغم من أن هناك تباينًا في الأديان حول عيد الحب، إلا أنه يمكن القول بأن العديد من الأشخاص يرونه فرصة للتعبير عن المشاعر العاطفية وبناء العلاقات الرومانسية. إنما يعتمد سواء كانت هذه الأديان تحتفل بهذا العيد أم لا على العقيدة الدينية والقواعد الثقافية لكل فرد ومجتمع.
